السعي وراء السعادة لا يجلب سوى الشقاء!

السعي وراء السعادة لا يجلب سوى الشقاء!

هناك فهم أو توقع خاطئ بأن الحياة السعيدة، تعني السعادة طوال الوقت. لا، هذا أمر خاطئ تماماً، يبعد صاحبه عن السعادة بخلق العديد من خيبات الأمل. إن تعلم قبول المشاعر المؤلمة وحتى احتضانها هو جزء مهم من الحياة السعيدة. و لك أن تعلم عزيزي القارئ، أن دراسة المشاعر المؤلمة جزء مهم من الدراسات المتعلقة بالسعادة.

مضاد الهشاشة

هناك مفهوم مهم للغاية قدمه ‘نسيم طالب’ كاتب و باحث لبناني أمريكي، و هو ‘مضاد للكسر’ أو ‘مضاد للهشاشة’. إن مضاد الهشاشة هو في الأساس ما يسمى في الفيزياء: المرونة 2.0 .

المرونة 1.0 في عالم الفيزياء هي عندما نضغط على جسم ما، ثم بعد رفع الضغط، يعود هذا الجسم إلى شكله الأصلي. لكن ‘مضاد الهشاشة’ أو المرونة 2.0 في عالم الفيزياء، تأخذ هذه الفكرة خطوة إلى الأمام. حيث إنك عندما تضغط على جسم ما، بعد رفع الضغط لا يعود إلى حجمه الأصلي فحسب، و إنما ينمو أكبر و أقوى!

نحن نرى عزيزي القارئ، أنظمة ‘مضادة الهشاشة’ في كل مكان حولنا و داخلنا. على سبيل المثال: نظامنا العضلي، فعندما نذهب إلى صالة الألعاب الرياضية و نرفع الأثقال، نحن نضغط على عضلاتنا. ماذا يحدث نتيجة لذلك؟ تكبر عضلاتنا و تنمو أكثر و تصبح أكثر قوة

السعادة

من الفيزياء إلى النفس

لنسقط هذا الأمر على الصعيد النفسي. هل تعرف عزيزي القارئ ما هو PTG ؟. إنه ‘نمو ما بعد الصدمة’. لا شك أنك قد تكون على علم باضطراب ما بعد الصدمة PTSD الذي يعاني فيه المريض من الإنهيار بعد مواجهة صدمة ما في حياته.لكن ‘النمو بعد الصدمة’ PTG يدور حول النمو بشكل أقوى نتيجة للضغط و الإجهاد الناتج عن الصدمة.

يتمثل دور ‘علم السعادة’ في تعليمنا الشروط التي يمكننا وضعها، و السلوكيات التي يمكننا أن نسلكها لزيادة احتمالية قدرتنا على النهوض بعد المشقة و المعاناة. لأن هذه هي الطريقة الصحيحة للعيش بسعادة، علماً أن المشقة و المعاناة لا مفر منها. لكن، هناك مفارقة عندما يتعلق الأمر بالسعي وراء السعادة.

مفارقة السعادة

من ناحية ، نعلم أن السعادة شيء جيد، سواء في حد ذاتها أو كوسيلة لتحقيق غايات أخرى. لكن في الوقت نفسه، نعلم أيضًا من البحث الذي أجراه ‘آيريس موس’ و آخرين، أن الأشخاص الذين يقولون لأنفسهم: “السعادة مهمة بالنسبة لي، أريد أن أبحث عنها”، هؤلاء الأفراد في نهاية المطاف يصبحون أقل سعادة. بل في الواقع، هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب!

السعادة

لذا فإن المفارقة هي أنه من ناحية، من الواضح أن السعادة شيء جيد. لكن من ناحية أخرى، فإن تقييمها كشيء جيد يمثل مشكلة. إذن ماذا نفعل؟ إن طريقة حل هذه المفارقة، هي السعي وراء السعادة بشكل غير مباشر. كيف نفعل هذا؟

فكر في ضوء الشمس. عندما تنظر إلى الشمس مباشرة ، فسوف تؤذي عينيك أليس كذلك؟. لكن، إذا قسمت ضوء الشمس إلى عناصره، إلى مكوناته، ماذا ستجد؟ ستجد ألوان قوس قزح!

بهذه الطريقة، فإنك تنظر إلى ضوء الشمس بشكل غير مباشر، و تستمتع به بدون أن يؤذيك. و بنفس الطريقة، فإن السعي وراء السعادة مباشرة يمكن أن يضر أكثر مما ينفع. لكن تقسيمها إلى عناصر يمكن أن يقودنا إلى الاستمتاع بالسعادة عن طريق سعينا إليها بشكل غير مباشر.

ألوان السعادة

ما هي الألوان المجازية لقوس قزح عندما يتعلق الأمر بالسعادة؟ هنا نجد الألوان في النموذج التالي ‘ر.ج.ف.ع.ع’، يمكن لهذا النموذج أن يفعل نظام ‘مضاد الهشاشة’ في صحتك النفسية. هذا النمودج هو اختصار يرمز إلى خمسة أمور أساسية، و هي الرفاهية الروحية والجسدية و الفكرية و العلائقية و أخيراً الرفاهية العاطفية.

بالتالي بدل أن تسعى إلى السعادة بلهفة و بشكل عشوائي، السعي لها بشكل غير مباشر عن طريق الإهتمام بسلامة هذه الجوانب الخمسة، هو الوسيلة التي ستحقق لك غايتك، و تقيك من السقوط في فخ تقدير السعادة المبالغ فيه، الذي قد يؤدي بك إلى الإكتئاب لا إلى السعادة.

تكمن السعادة في سلسلة متصلة، إنها رحلة دائمة مدى الحياة، و معرفةٌ و فهمٌ لإمكانية المرور بأوقات صعبة و تقبل هذا الأمر بوضع توقعات واقعية.

في الأخير، حتى تصل إلى السعادة و تقي نفسك من الأزمات النفسية، لا تعتقد أن الأمور يجب أن تحدث بالضرورة بشكل أفضل. بدل ذلك، حاول تعلم تحقيق أفضل ما يمكنك من الأمور التي تحدث.

في المقالات القادمة، سنتعلم أهم الوسائل المساعدة على الإعتناء في الجوانب الخمسة، حتى نسعى جميعاً إلى السعادة بشكل غير مباشر بإذن الله

إن أعجبك المقال، ندعوك إلى دعمنا عن طريق الإشتراك في قناتنا على اليوتيوب

إقرأ أيضاً: قصة ممتعة: كيف تعمل الذاكرة البشرية؟
فن الرفق بالذات: كيف تتقنه؟

Mind Under Control

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *