الدوبامين هرمون السعادة أم هرمون الادمان؟

الدوبامين هرمون السعادة أم هرمون الادمان؟

ينظر أغلبنا إلى المدمنين نظرة دونية، البعض يصفهم بضعف الشخصية و البعض الآخر يرى أنهم أشخاص سيئون. لكن يجب أن نكون على دراية بأن الادمان مرض و ليس صفة شخصية، و نحن نتعاطف مع المريض لا نلومه. ما دخل الدوبامين في هذا؟ و هل الدوبامين هرمون السعادة أم هرمون الادمان ؟

ما الهدف من الدوبامين

الإدمان هو اضطراب عصبي يؤثر على نظام المكافأة في الدماغ. أنت كشخص سليم مثلاً و لا تعاني من أي إدمان، يدفعك نظام المكافأة في دماغك، إلى القيام بالسلوكيات المهمة و الضرورية للبقاء، مثل الأكل و الشرب والجنس والتفاعل الاجتماعي.

كيف يعمل الدوبامين

على سبيل المثال، يضمن نظام المكافأة أنك ستبحث عن الطعام عندما تكون جائعًا، لأنك تعلم أنك ستشعر بشعور جميل بعد الأكل. و بعبارة أخرى، فإنه يجعل نشاط الأكل ممتعًا ولا يُنسى. لذلك سترغب في القيام بذلك مرارًا وتكرارًا كلما شعرت بالجوع.

الدوبامين: هرمون السعادة أم هرمون الادمان؟

تأثير المخدرات على مركز المكافأة

لكن تعاطي المخدرات يحدث ضرراً كبيراً لنظام المكافأة، و يقلب الموازين الطبيعية، مؤدياً إلى ما يطلق عليه “اختطاف مركز المكافأة”بحيث تصبح أولوية المدمن هي المخدرات، لا السلوكيات المهمة و الضرورية للبقاء.

كيف يتم هذا بالضبط ؟

يتكون الدماغ من مليارات الخلايا العصبية، التي تتواصل فيما بينها عن طريق الرسائل الكيميائية، أو الناقلات العصبية. عندما تفكر في القيام بنشاط معين، يتم تحفيز مجموعة من الخلايا العصبية، و ينتج عن هذا ما يسمى “الدفعة الكهربائية.

هذه الدفعة الكهربائية، تذهب مباشرة إلى نهاية العصب عن طريق المحور العصبي. عند وصولها إلى نهاية العصب، تؤدي هذه الدفعة الكهربائية إلى تحفيز إفراز الدوبامين. في الأخير بعد أن يؤدي الدوبامين دوره، يتم استرداده من جديد إلى الخلايا العصبية

عند إفراز الدوبامين، تشعر آنذاك برغبة في القيام بذلك النشاط الذي كنت تفكر فيه. هذه الرغبة قد تكون رغبة كبيرة و ملحة، أو قد تكون رغبة عادية، و يمكن أن تكون رغبة لا تكفي لدفعك إلى القيام بذلك النشاط. لكن ما الذي يحدد حجم هذه الرغبة؟

يتم تحديد هذه الأمر بناءً على مستوى الدوبامين الذي تم إفرازه في اللحظة التي فكرت فيها في القيام بذلك النشاط. إن كانت مستويات الإفراز مرتفعة، ستكون الرغبة ملحة. إما إن كانت مستويات الإفراز ضعيفة فستكون الرغبة ضعيفة أيضاً. لكن ما الذي يحدد مستويات إفراز الدوبامين ؟

يتم تحديد هذا الأمر بناءً على مقدار المتعة التي تتوقع أن تشعر بها عند القيام بذلك النشاط الذي تفكر فيه. إذا كنت تتوقع بأنك ستشعر بمتعة كبيرة، فستكون مستويات الإفراز كبيرة و بالتالي ستشعر بدافع كبير. أما إن كنت تتوقع بأنك ستشعر بمتعة ضعيفة، فستكون مستويات الإفراز ضعيفة أيضاً، و بالتالي لن تشعر بدافع كبير لقيامك بذلك النشاط.

كيف تؤثر المخدرات على هذه العملية ؟

جميع المخدرات التي نعرفها، تسبب إفرازاً أكثر من الطبيعي في مركز المكافأة في أدمغتنا. بعض المخدرات كالخمر و الهيروين و النيكوتين، تقوم بشكل غير مباشر بتحفيز الخلايا العصبية حتى تنتج دفعة كهربائية أكبر، ما يؤدي في الأخير إلى إفراز كميات كبيرة من الناقل العصبي الدوبامين.

المخدرات الأخرى كالكوكايين و الميثامفيتامين، تلعب دورها في آخر مرحلة من مراحل آلية عمل مركز المكافأة، و بالضبط في نهاية العصب. حيث تمنع العملية الأخيرة التي تحدثنا عنها، و هي استرداد الدوبامين إلى الخلايا العصبية بعد أن يؤدي دوره

طرق مختلفة، لكن النتيجة واحدة.

تؤثر المخدرات على مركز المكافأة بطرق تختلف من مخدر لآخر. لكن النتيجة الأخيرة في جميع الحالات، هي تحفيز مركز المكافأة على إفراز كمية كبيرة جداً من الدوبامين، و إطالة عملية المكافئة بشكل مستمر عن طريق منع عملية استرداده. و هذا ما يفسر النشوة الكبيرة التي يشعر بها متعاطي المخدرات.

النتيجة في الحياة الواقعية

التعرض المستمر لهذه النشوة الكبيرة، و الإفراز الكبير و المستمر للدوبامين، يؤدي في الأخير إلى التقليل من حساسية مركز المكافأة، ما يجعله لا يستجيب للمتع الطبيعية. و كنتيجة لهذا، تفقد الأنشطة العادية و المتع الطبيعية قدرتها على إحداث المتعة التي كانت تحدثها من قبل و يدخل المدمن في حالة اكتئاب. و يصبح الشيء الوحيد الذي يستجيب له مركز المكافأة هو المخدر!

الدوبامين: هرمون السعادة أم هرمون الادمان؟

و هذا ما يفسر تغير رغبات المدمن و تغير أولوياته. حيث يتوقف عن ممارسة جميع الأنشطة الطبيعية، كالتنزه مع أصدقائه أو مجالسة عائلته. و لا يسعى سوى وراء إدمانه، الذي أصبح هو الشيء الوحيد الذي يسبب له المتعة.

مع مرور الوقت، حتى المخدر يفقد قدرته على تحقيق المتعة، و لا يستجيب له مركز المكافأة إلاَّ عند زيادة الجرعات. ما يدفع المدمن إلى زيادة جرعات التعاطي حتى يحصل على نفس الإثارة التي كان يشعر بها من قبل.

في بعض الأحيان، يؤدي هذا إلى تعاطي جرعة زائدة ثم الوفاة! عافانا الله و إياكم.

لا تنسى عزيزي القارئ أن تشترك في قناتنا على اليوتيوب

Mind Under Control

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *