الفصام أو انفصام الشخصية: مرض واحد ؟

الفصام أو انفصام الشخصية: مرض واحد ؟

تم التعرف على مرض الفصام أو انفصام الشخصية، لأول مرة منذ أكثر من قرن. و لكننا ما زلنا لا نعرف أسبابه الدقيقة. بحيث لا يزال الفصام أحد أكثر الأمراض التي يُساء فهمها و يلحقها وصمة العار اليوم. لذلك، دعونا نتعرف على ما يعرفه العلم اليوم عن الفصام، ابتداءاً من الأعراض إلى الأسباب و العلاجات.

ما هو الفصام أو انفصام الشخصية؟

يعتبر الفصام متلازمة، مما يعني أنه قد يشمل عددًا من الاضطرابات المختلفة، التي لها أعراض متشابهة، و لكن أسبابها مختلفة. ثم إن كل شخص مصاب بالفصام، لديه أعراض مختلفة قليلاً عن الآخرين. و عادةً لا ينتبه المريض بـ الفصام و محيطه إلى العلامات الأولى بسهولة: كالتغيرات الطفيفة في الشخصية، أو التهيج، أو الظهور التدريجي للأفكار غير العادية.

عادة ما يتم الإنتباه لحالة المصاب بـ الفصام و تشخيصه، بعد ظهور أعراض الذهان. الذي يبدأ عادة في أواخر سن المراهقة أو أوائل العشرينات بالنسبة للرجال، و أواخر العشرينات أو أوائل الثلاثينيات بالنسبة للنساء.

أعراض الفصام

يمكن أن تظهر نوبة الأعراض الذهانية الأولى التي تحدث للمريض بـ الفصام، على شكل أوهام و هلوسة و اضطراب في الكلام والسلوك. تسمى هذه الأعراض بالأعراض الإيجابية، مما يعني أنها تحدث للأشخاص المصابين بـ الفصام ولكن ليس لعموم الناس.

الفصام أو انفصام الشخصية
Image by macrovector on Freepik

للفصام أعراض أخرى تسمى أعراض سلبية. و هذه الأعراض هي صفات تشهد انخفاضاً لدى الأشخاص المصابين بـ الفصام، مثل التحفيز أو التعبير عن المشاعر أو الكلام. كما تظهر لدى المريض أعراض معرفية أيضاً، مثل صعوبة التركيز و تذكر المعلومات واتخاذ القرارات.

الفصام أو انفصام الشخصية: مرض واحد ؟

بالرغم من أن الفصام و انفصام الشخصية، يعتبران كلاهما أسماءً معتمدة من قبل منظمة الصحة العالمية، لوصف نفس المرض النفسي، أي أنهما فعلاً مرضٌ واحد. إلاِّ أنه من المفاهيم الخاطئة الشائعة، أن الأشخاص المصابين بـ الفصام لديهم شخصيات متعددة ،لكن هذه الأعراض التي ذكرناها تشير إلى اضطراب في عملية التفكير بدلاً من ظهور شخصية أخرى.

أسباب الإصابة بـ الفصام

إذن ، ما السبب الذي قد يؤدي إلى الإصابة بهذا الاضراب النفسي؟ من المحتمل ألا يكون هناك سبب واحد، بل مجموعة من العوامل الجينية و البيئية التي قد تساهم في الإصابة. حيث أن الفصام مثلاً، له أقوى الروابط الجينية بالمقارنة مع جميع الأمراض النفسية الأخرى.

العوامل الوراثية

على الرغم من أن حوالي 1٪ من الأشخاص مصابون بـ الفصام حول العالم، إلاَّ أن أطفال أو أشقاء المصابين بالفصام، هم أكثر عرضة للإصابة بالمرض بعشر مرات مقارنة بالآخرين. و إن كان أحد التوائم المتطابقين مصاباً بـ الفصام فالتوأم الآخر عرضة للإصابة به بنسب 40٪ .

في كثير من الأحيان ، يكون الأقارب المباشرون للأشخاص المصابين بـ الفصام، أكثر عرضة لإظهار بعض السمات المرتبطة بالاضطراب. و لكن بشكل معتدل، و ليس إلى الحد الذي يتطلب العلاج.

الفصام أو انفصام الشخصية
Image by rawpixel.com on Freepik

من المؤكد تقريبًا، أن جينات متعددة تلعب دورًا في الإصابة بـ الفصام أو انفصام الشخصية، لكن الطب النفسي اليوم لا لا زال يجهل عدد هذه الجينات أو أي نوع منها.

العوامل البيئية

تلعب العوامل البيئية أيضاً دوراً في الإصابة، حيث قد يزيد التعرض لبعض الفيروسات في مرحلة الطفولة المبكرة من فرصة إصابة الشخص بـ الفصام. و قد يؤدي أيضاً استخدام بعض المخدرات، بما في ذلك الحشيش، إلى ظهور الفصام لدى الأفراد المعرضين بشدة للإصابة به.

يجب الإشارة عزيزي القارئ، أن هذه العوامل لا تؤثر على الجميع بنفس الطريقة. حيث أن أولئك الذين لديهم مخاطر جينية منخفضة جدًا، لن يؤدي تعرضهم للعوامل البيئية إلى إصابتهم بـ الفصام. أما بالنسبة لأولئك الذين لديهم ارتباط مباشر بأحد المصابين، أي لديهم مخاطر جينية عالية جدًا، فقد يؤدي التعرض البسيط لبعض العوامل البيئية إلى إصابتهم بـ الفصام.

علاج الفصام أو انفصام الشخصية

الأدوية المضادة للذهان المستخدمة في علاج الفصام، ساعدت الباحثين في العمل بشكل عكسي لتتبع إشارات الاضطراب في الدماغ و تحديد مواطن الخلل.

مثلاً، مضادات الذهان التقليدية تقوم بغلق مستقبلات الدوبامين في الدماغ، و تظهر نتائج فعالة للغاية في تقليل الأعراض الإيجابية، التي اتضح إذن أنها ترتبط بزيادة الدوبامين في مسارات معينة في الدماغ.

لكن هذه الأدوية نفسها، يمكن أن تزيد من شدة الأعراض السلبية في نفس الوقت. بالتالي اتضح أن الأعراض السلبية لمرض انفصام الشخصية، قد تكون مرتبطة بقلة الدوبامين في مناطق الدماغ الأخرى.

لحسن الحظ، الأجيال الجديدة من مضادات الذهان، تعالج إلى حدٍّ ما بعض هذه المشكلات من خلال استهداف العديد من النواقل العصبية الأخرى مثل السيروتونين بالإضافة إلى الدوبامين. حيث أصبح من الواضح، أنه لا يوجد ناقل عصبي واحد فقط مسؤول عن جميع الأعراض.

و لأن هذه الأدوية تؤثر على الإشارات الكهربائية في جميع أنحاء الدماغ و الجسم، فقد يكون لها آثار جانبية أخرى، مثل زيادة الوزن. لكن على الرغم من هذه المضاعفات، يمكن أن تكون مضادات الذهان فعالة للغاية، خاصة عندما تقترن بتدخلات علاجية أخرى مثل العلاج السلوكي المعرفي.

عوامل مهمة للعلاج

التدخل العلاجي و التشخيص المبكرين، مهم للغاية أيضًا. حيث أنه بعد شهور أو سنوات من الفصام غير المعالج، يمكن أن تصبح بعض أنواع أعراض الفصام جزءًا لا يتجزأ من شخصية المصاب

بالإضافة إلى أن وصمة العار اللاإنسانية التي ترتبط بـ الفصام، تؤدي إلى امتناع الناس عن طلب المساعدة. غالبًا ما يُنظر إلى الأشخاص المصابين بـ الفصام على أنهم خطرون، لكنهم في الواقع أكثر عرضة لأن يكونوا ضحايا للعنف أكثر من أن يكونوا هم الجناة.

الفصام أو انفصام الشخصية

و قد يساعد العلاج المناسب في تقليل احتمالية العنف المرتبط بـ الفصام. لهذا السبب، نجد أن تعليم المرضى و أسرهم و مجتمعاتهم، هو أهم وسيلة للقضاء على وصمة العار المرتبطة بـ الفصام، و بالتالي تشجيع المصابين على الوصول إلى العلاج.

في الأخير، أدعوك عزيزي القارئ إلى الإشتراك في قناتنا على اليوتيوب
و لا تنسى الإشتراك كذلك، في النشرة اليومية حتى تتوصل بآخر المقالات

Mind Under Control

رأيان حول “الفصام أو انفصام الشخصية: مرض واحد ؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *