كيف أركز ؟ تعرف على الطريقة المثالية.

في عصر الإعلام الرقمي، الذي يتميز بوجود عدد لا حصر له من المشتتات، كالهواتف الذكية و تطبيقات التواصل الاجتماعي، أصبح من الصعب جداً السيطرة على العقل و إبقائه في حالة تركيز لبعض الوقت. ما دفع بالجميع إلى السؤال: كيف أركز ؟
الأمر الذي تؤكده مؤشرات محرك البحث Google، التي أشارت إلى ارتفاع ملحوظ في عدد مستخدمي الأنترنت، الذين يبحثون عن كلمة “كيف أركز” أو “كيفية التركيز” خلال الخمس سنوات الماضية.
فلماذا يا ترى فقد الناس القدرة على التركيز؟ و ما علاقة نمط الحياة الذي يُمَيّز العصر الذي نعيش فيه، بفقدان القدرة على التركيز؟ و أخيراً، كيف نستعيد السيطرة على أدمغتنا ؟

تعدد المهام
وفقا لدراسة أجراها فريق من الباحثين بجامعة ستانفورد سنة 2009، تبين من خلال نتائجها أن الأشخاص الذين ينخرطون في مهام مختلفة و متعددة في نفس الوقت، أو ما يطلق عليهم “Multitaskers”، كتصفح الهاتف و الحديث مع صديق في نفس الوقت مثلاً، كانو أقل قدرة على إبقاء عقلهم في حالة تركيز.
في المقابل، الأشخاص الذين يمتنعون عن تشتيت انتباههم من خلال ممارسة هذا السلوك، كانوا أكثر قدرة على التركيز و أكثر قدرة على إبقاء عقولهم في حالة تركيز عالٍ و لمدة أطول.
لماذا يسأل الجميع: كيف أركز ؟
عملية تعدد المهام هذه، يقوم بها الجميع تقريباً، كيف؟ هل سبق لك أن كنت منخرطاً في نشاط ماً، لنقل مثلا قراءة كتاب. و فجأة توصلت برسالة على هاتفك، ثم توقفت عن القراءة لترى محتوى الرسالة، و بعد إجابتك على تلك الرسالة عدت مرة أخرى لتكمل القراءة.

كأنني أراك تضحك الآن و تقول في نفسك “ و هل منا من لا يقوم بهذا الأمر! “ صحيح هذا بالضبط ما أريد الإشارة إليه، الجميع يفعل هذا الأمر. و هذا السلوك عزيزي القارئ يندرج ضمن “تعدد المهام”، و التي رأينا بأنه يؤدي إلى فقدان القدرة على التركيز. لذلك، من غير المنطقي أن نستغرب حين نرى مؤشرات تدق ناقوس الخطر حول هذه المسألة، كمؤشرات Google التي رأينا في البداية.
يجب أن تكون على دراية عزيزي القارئ، بأن الإطلاع على إشعارات و تنبيهات الهاتف، يسبب تشتت ذهني بنسبة 40%. حيث أن كثرة الإلتفات إلى الهاتف كلما أصدر تنبيها يؤثر على كيمياء الدماغ، و هو ما يعرف بظاهرة “Switch Cost “ أو تكلفة التبديل، و يعني هذا الإستمرار في التبديل من مهمة لأخرى. التكلفة التي تدفعها في هذه الحالة، هي أن الدماغ يبذل جهدا أكبر للعودة إلى حالة التركيز التي كان عليها في البداية.

فوائد التركيز
قد تواجه صعوبة عزيزي القارئ، في تغيير هذا السلوك الذي اعتدت عليه بلا شك لمدة طويلة. لكنك ستشعر بدافع و تحفيز كبير على المحاولة، بمجرد أن تعلم الفوائد التي ستجنيها من خلال التوقف عن “تعدد المهام” و استعادة القدرة على التركيز. لنتعرف على بعض هذه الفوائد:
- الاستماع بشكل مناسب للآخرين و تحسين علاقاتك الاجتماعية
- الشعور بالطمأنينة
- التفكير بعمق
- القدرة على النوم بشكل أفضل
- إنتاج أفكار إبداعية
- تحسن الانتاجية
- صنع ذكريات وسهولة تذكرها
- التخفيف من الارهاق و التوتر
كيف أركز ؟
الخطوة الأولى في طريقك إلى الظفر بجميع هذه الفوائد، هي التوقف عن الإنتقال بين المهام المختلفة بعشوائية. و بالإضافة إلى هذا، إليك بعض الوسائل الأخرى التي ستساعدك بشكل كبير على استعادة قدرتك على التركيز:
التأكد من وضوح الأهداف الشخصية:
معرفة أهدافك و غاياتك بوضوح، يغنيك عن الكثير من التخبط و التيه و الضياع، الذي يجعلك تجهل وجهتك و خطواتك التالية، و يشتت تركيزك بشكل كبير. لذلك من الجيد أن تحرص على تحديد أهدافك الشخصية بوضوح، حتى لا تستنزف طاقتك و تركيزك بعشوائية.
الاسترخاء و أخد قسط من الراحة:
عقلنا البشري يحتاج إلى الراحة بين الفينة و الأخرى. لا شك أنك لاحظت انخفاض قدرتك على التركيز و التفكير السليم، في حالات الإرهاق أو السهر لوقت متأخر من الليل. بالتالي، من الضروري أن تحظى بساعات نوم كافية، و تتجنب إرهاق نفسك بدون فترات متقطعة من الراحة، حتى توفر لعقلك الظروف التي تساعده على العمل بالشكل الصحيح.
الانقطاع عن الاتصال بالانترنت:
تَجَنُّبُ وسائل التواصل الاجتماعي و الإنترنت بصفة عامة، أو ما يسمى “الصيام الإلكتورني” لفترة محددة من الوقت، قد يكون مفيداً لك في استعادة قدرتك على التركيز. جَرِّب أن تنقطع تماماً لمدة شهر، و في حالة لم تستطع، جرب أن تقلل من ساعات الإستخدام اليومي بمقدار النصف.
تحديد مسببات التشتت:
قم بإنشاء قائمة للأشياء و السلوكيات التي ترى أنها تشتت انتباهك و تركيزك. و حاول أن تبتعد عن هذه الأشياء و السلوكيات قدر ما استطعت.
مراقبة الوقت:
قبل البدء في إنجاز مهمة ما، حدد مدة زمنية لإنجازها. و لا تتوقف أو تنتقل لمهمة أخرى حتى تنتهي المدة الزمنية التي حددتها. بإمكانك التوقف عن المهمة بعد نهاية الوقت حتى و إن لم تكملها. بهذه الطريقة، تكون قد منعت نفسك من الإنتقال بين مهمتين بسرعة و بعشوائية.
إن وصلت إلى هذه الفقرة، تكون قد أنهيت قراءة المقال كاملاً. نحن ممتنون لك لذلك، و نتمنى أن نكون عند حسن ظنك. في الأخير، ندعوك إلى الإنضمام إلينا على منصة اليوتيوب، حيث سنبدأ قريبا في إنتاج مقاطع قصيرة ننشر عبرها أهم الوسائل المساعدة على الإعتناء بالصحة النفسية.
لا تعليقات بعد على “كيف أركز ؟ تعرف على الطريقة المثالية.”