نوبة الهلع: العلاج السلوكي المعرفي

نوبة الهلع: العلاج السلوكي المعرفي

في المقال السابق، تحدثنا عن الإستجابة الفيزيولوجية التي تحدث داخل جسم الإنسان أثناء نوبة الهلع. و تعرفنا أيضاً على أعراض هذا الإضطراب النفسي، بالإضافة إلى الفرق بين نوبة الهلع و اضطراب الهلع.

المقال السابق: ما الذي يحدث في الدماغ أثناء نوبة الهلع

بقي أمر واحد لم نتطرق إليه، و هو العلاج السلوكي المعرفي. بداية عزيزي القارئ، هناك العديد من العلاجات المعتمدة لاضطراب الهلع، مثل العلاج النفسي الديناميكي الذي يركز على الهلع (PFPP)و إزالة التحسس و إعادة المعالجة عن طريق حركة العين (EMDR)

لكن أغلب المعالجين يعتمدون في حالات اضطراب الهلع على العلاج السلوكي المعرفي(CBT) نظراً لفعاليته المثبتة و نتائجه السريعة مقارنة مع العلاجات الأخرى. لنتعرف إذن، على المنهج المعتمد في العلاج السلوكي المعرفي لاضطراب الهلع.

العلاج السلوكي المعرفي

العلاج السلوكي المعرفي بشكل عام، هو شكل من أشكال العلاج النفسي المستخدم في علاج الأمراض و الإضطرابات النفسية. تستند المفاهيم الأساسية لهذا النوع من العلاج على فكرة أن أفكار الشخص ومشاعره وتصوراته تؤثر على أفعاله وسلوكياته.

أحد الأهداف الرئيسية للعلاج السلوكي المعرفي هو مساعدة المريض على التغلب على أنماط أو أشكال التفكير السلبية و الخاطئة، حتى يتمكن من اتخاذ خيارات أفضل في تصرفاته وسلوكياته. بشكل عام ، غالبًا ما يكون الأشخاص المصابون باضطراب الهلع أكثر عرضة للأفكار السلبية والمعتقدات الخاطئة كأن يعتقد أنه سيصاب بالجنون أو سيموت بسبب نوبة الهلع ، مما قد يؤدي زيادة شدة النوبات.

الهلع

وجدت الأبحاث مؤخراً  أن العلاج المعرفي السلوكي عبر الإنترنت له نفس فعالية العلاج المعرفي السلوكي الشخصي. وقد يكون هذا مفيدًا بشكل خاص في علاج اضطراب الهلع لأنه  يساعد الأشخاص على الشعور بأن العلاج أكثر سهولة و يسهل الوصول إليه.

العلاج السلوكي المعرفي لاضطراب الهلع

يمكن أن تصبح المخاوف و الأفكار التي تسببها نوبات الهلع شديدة لدرجة أنها تبدأ في التأثير سلبًا على سلوكيات المريض. على سبيل المثال ، قد يبدأ المريض بالخوف من التعرض لنوبة هلع أثناء القيادة أو أمام الآخرين (الأفكار).  ما يجعله بعد ذلك  يتجنب القيادة أو التواجد أمام الناس (السلوكيات).

مع مرور الوقت، لا تصبح تلك الأفكار عبارة عن مخاوف و حسب، و إنما تصبح مسلمات يؤمن بها المريض و تترسخ بشكل كبير في دماغه. و سلوكيات التجنب و الهرب من المواقف التي يخاف منها المريض لا تؤدي سوى إلى ترسيخ تلك الأفكار و المخاوف أكثر فأكثر.

يساعد العلاج السلوكي المعرفي المرضى الذين يعانون من اضطراب الهلع، في تطوير طرق للتعامل الصحيح مع أعراضهم. قد لا يكون الشخص قادرًا على تحديد الوقت التي سيصاب فيه بنوبة الهلع ، لكن يمكنه تعلم كيفية التعامل بفعالية مع الأعراض التي تسببها النوبة. حيث يحقق العلاج السلوكي المعرفي هذه النتيجة من خلال مرحلتين أساسيتين.

التعرف على الأفكار السلبية واستبدالها

في هذه المرحلة الأولى، يساعد المعالج المريض أولاً في تحديد المعتقدات الخاطئة أو أنماط التفكير السلبية. قد يتم توجيه المريض مثلا للتفكير في كيفية إدراكه لنفسه، أو رؤيته للعالم من حوله، أو شعوره و تفكيره أثناء نوبة الهلع. من خلال التركيز على عملية التفكير ، يمكن لأي شخص منا أن يبدأ في التعرف على أنماط تفكيره النموذجية وكيف تؤثر على سلوكياته.

يستخدم المعالج مجموعة واسعة من الأنشطة والتمارين، لمساعدة المريض على إدراك أنماط تفكيره السلبية، و كيفية استبدالها بطرق تفكير صحية. بالإضافة إلى ذلك ، غالبًا ما يتم تخصيص واجبات منزلية بين الجلسات، لمساعدة العميل على الاستمرار في تحديد أفكاره الخاطئة و السلبية و استبدالها. 

 تمارين الكتابة على سبيل المثال، يمكن أن تكون طريقة فعالة للتغلب على أنماط التفكير الخاطئة. يمكن استخدام هذه التمارين للتعرف أكثر علي الأفكار السلبية و استبدالها. تتضمن بعض تمارين الكتابة الشائعة: كتابة الأفكار التي تدور في ذهن المصاب أثناء النوبة ، والاحتفاظ بمجلة الامتنان تتضمن الأشياء التي يشعر المريض بالامتنان لوجودها في حياته..

بناء المهارات و تغيير السلوكيات

تتضمن الخطوة التالية من العلاج السلوكي المعرفي، مساعدة المريض على تطوير استراتيجيات التأقلم الصحية مع نوبة الهلع، بهدف تغيير السلوكيات الغير الصحية التي يقوم بها المريض، كتجنب المواقف المثيرة للمخاوف.

خلال هذه المرحلة، سيتعلم المريض تطوير المهارات المساعدة في تقليل التوتر، و إدارة القلق، و التغلب على نوبات الهلع.يتم التدريب على هذه المهارات في الجلسة، و لكن من المهم أيضًا أن يمارس المريض سلوكيات جديدة خارج العلاج أيضًا.

إزالة التحسس هي تقنية  شائعة في العلاج السلوكي المعرفي، تستخدم لمساعدة المريض على التوقف عن الهروب و تجنب المواقف و المخاوف المحفزة لنوبة الهلع. التجنب الذي كما رأينا، يزيد من ترسيخ تلك المخاوف.

من خلال هذه التقنية، يقوم المعالج  بتعريض المريض تدريجيًا للمواقف المسببة للهلع إلى جانب تعليمه كيفية التعامل معها بدون هروب، و تعليمه إدارة مشاعر القلق لديه. يتعرض المريض ببطء إلى مواقف أكثر إثارة للخوف شيئا فشيئا، و يطور طرقًا للتعامل مع أعراض الهلع خلال كل موقف من تلك المواقف.

للمساعدة في الحفاظ على الهدوء خلال التعرض للمواقف المثيرة للهلع، يتم أيضًا تعليم المريض بعض تقنيات الاسترخاء. تساعد هذه التقنيات على تخفيف التوتر و القلق، و خفض معدل ضربات القلب و تحسين التنفس .تتضمن بعض تقنيات الاسترخاء الشائعة تمارين التنفس العميق ، واسترخاء العضلات التدريجي، واليوجا ، والتأمل.

بعد أن تعرفنا على العلاج السلوكي المعرفي بشكل مفصل. أدعوك أخي الكريم و أدعوك أختي الكريمة، فضلاً و ليس أمراً، إلى دعم هذا المحتوى الذي نقدمه، عن طريق الإشتراك في قناتنا على اليوتيوب، التي تعرف تفاعلاً ضعيفا للأسف، و جزاكم الله كل الخير💙

رابط القناة: Mind Under Control | Youtube

Mind Under Control

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *