المقارنة سُمّ قاتل لصحتك النفسية

إن أكثر ما يربطنا بالحياة، هو الشعور بالطمأنينة، السكينة و السعادة. هذا ما يجعلنا نشعر أن الحياة جميلة و نستحق أن نعيشها دون حزن أو ألم. لكن أحياناً، نفقد هذه المشاعر بسبب سلوكيات نسلكها دون وعي منا، تؤثر سلباً على صحتنا النفسية، و تفقد الحياة جمالها و رونقها, و لا نبالغ حين نقول بأن المقارنة من أبرز هذه السلوكيات !
مقارنة أنفسنا مع الآخرين من أكبر أسباب الشقاء و العذاب النفسي، فكيف إذن لسلوك بسيطٍ كهذا أن يكون بمثابة سم لصحتنا النفسية؟ و كيف نحمي أنفسنا من هذا السم، و نتوقف عن مقارنة أنفسنا بالآخرين؟

فخّ المقارنة
في البداية يجب أن تكون على دراية عزيزي القارئ، أن الذي يحدث دائما عند مقارنة نفسك بغيرك، هو أمرٌ غير عادل على الإطلاق. أنت كشخص لا يجيد الغناء مثلا، تركز بالضبط على صاحب الصوت الشجي و تنسى أنك ماهرٌ في الكتابة و هو ليس كذلك.
تسقط في هذا الفخ ظالماً نفسك دون أن تشعر، و تظل هكذا تراقب من هم متميزون فيما لا تجيده فترى نفسك بلا قيمة و تشعر بالدونية و تتأثر سلبا صحتك النفسية
أضرار المقارنة
المقارنة الغير عادلة هذه، تكلفك الكثير من الألم النفسي الذي أنت في غنى عنه. لنتعرف على أهم ثلاثة أضرار للمقارنة على صحتك النفسية:
1- تدمير الثقة بالنفس
أول ما تجبله المقارنة لصاحبها من أضرار، هو تدهور الثقة بالنفس بشكل كبير. فمن الطبيعي أن يفقد الإنسان ثقته بنفسه، إن كان يرى في الآخرين كل صفاتهم الإيجابية، و لا يرى في نفسه في المقابل، سوى الصفات السلبية.
2- غياب الطمأنينة و الرضى
الذي يدمن على مقارنة نفسه بالآخرين، سيجد دائماً من هو أفضل منه في أمرٍ ما. لأنه لن يتفوق في كل شيئ بطبيعة الحال، لكن السقوط في هذا الفخ ينسيه هذا الأمر، و يظل يرى نفسه دائماً أقل من المطلوب. وبالتالي، لا يجد الرضى طريقه إلى قلبه.
3- التوتر الدائم
المجهود و الطاقة التي تبذلها في مقارنة نفسك بالآخرين، يجعلك تحت ضغط دائم كأنك في حالة سباق أو حالة منافسة دائمة. و لك أن تتخيل الضغط و التوتر الذي قد يسببه هذا الأمر.

لماذا يجب أن تتوقف عن المقارنة؟
الأضرار التي ذكرناها كافية كإجابة لهذا السؤال. لكن دعني أعرض عليك بعض الأمور، التي سترى من خلالها أن المقارنة أكبر سلوك غير منطقي قد تقوم به في حياتك !
1- حلقة مفرغة
نحن جميعاً على دراية بأن ما يميزنا هو أننا لا نشبه بعضنا البعض. لكل منا نقاط قوة و نقاط ضعف، هذا لأننا بشر!، لذلك لا بد أن تجد من هو أفضل منك في أمر ماً، و بالتالي لن تتوقف أبداً عن هذه الدائرة التي لا نهاية لها.
2- الواقع ليس كما تراه
لا أحد منا على علم تام يما يجري في حياة الناس الآخرين، و لا بمدى رضاهم عن حياتهم، و لا بما تخبئه ابتسامتهم و ضحكاتهم. لذلك، المقارنة دائماً ما تركز على الظاهر فقط، ما يجعل غياب الدقة و المصداقية أهم ما يميز نتائجها، فليس بالضرورة أن يكون الواقع هو ما نراه في ظاهر الأمر.
3-خدعة السباق
ما إن يخطوا المرء أول خطواته في بحر المقارنة، حتى يجد نفسه قد نسي تماماً المعنى الحقيقي للحياة. المعنى الذي و إن اختلف من شخص لآخر، أو من طائفة لأخرى، أو من دين لآخر، لم يسبق و أن جعل من الحياة سباقً مرهقاً مع الآخرين، فالحياة ليست سباقً و لكل منا حياته و ظروفه الخاصة.

نحن نعلم عزيزي القارئ، أن المقارنة قد تكون أحيانا خارجة عن إرادتك. في حين أن البعض يتخذها أسلوب حياة و لا يدري أصلاً أضرارها على صحته النفسية، هناك في المقابل من هو على دراية بأضرارها، لكنه لا يستطيع منع نفسه من ممارسة هذا السلوك.
لذلك، توجد بعض المفاهيم و بعض الأفكار، التي قد تساعدك كثيراً على التوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين. لم أرد أن أذكرها في هذا المقال حتى لا أجعله طويلا فتشعر بالملل عند قرائته، لكن المقال القادم إن شاء الله في قسم السلوكيات السلبية، سيتمحور حول هذا الأمر.
لا تعليقات بعد على “المقارنة سُمّ قاتل لصحتك النفسية”