الشخصية المثالية و الصحة النفسية

الشخصية المثالية و الصحة النفسية

تقول الطبيبة النفسية إيلينا ميلر “مكنتني مساعيَّ إلى الكمال من الحصول على معدل مرتفع في جميع مراحلي المدرسية و الإلتحاق بجامعة هارفرد، مكنتني أيضا من التخرج من كلية الطب بمرتبة الشرف، ساعدتني تقريبا في أي من ما وضعته نصب عيني، لكنها كانت هناك أيضاً لتهمس لي أن جميع هذه الإنجازات لم تكن كافية و أن عليَّ أن أبذل جهداً أكبر و أن أفعل المزيد لأكون أفضل، لم تتح لي الشخصية المثالية قط الإستمتاع بأي من نجاحاتي كان علي دائماً أن أنتقل إلى الأمر التالي”

الشخصية المثالية

إذا كنت من فئة الناس المثاليين مثل إيلينا ميلر فلا شك أنك لم تنظر من قبل إلى الجهود التي بذلتها بعين الرضى بل دائما ماتراها غير مقنعة أو غير كافية و تسعى إلى المثالية بوضع مقاييس ذاتية صارمة في كل أعمالك و مخططاتك، لكن يجب أن تكون على دراية بأن البحث الدائم عن الكمال من أكبر مسببات القلق، التوتر و الإكتئاب.

بداية أخي الكريم و أختي الكريمة، قد يبدو لك مصطلح “الناس المثاليين” جذابا و رائعاً لكن إعجابك لن يدوم طويلا عندما أخبرك بأن الشخصية المثالية تعتبر في علم النفس أحد الإضطرابات التي تتطلب تدخلاً علاجياً، لأنها تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد بل وحتى الأشخاص المحيطين به. لكن لا تتسرع في الحكم على نفسك بأنك من الناس المثاليين حتى نستعرض بعض الصفات التي تميزهم ثم انظر لنفسك و قارن فأنت أدرى بها.

١ـ الإنجاز الأقل من المتوقع بمثابة فشل ذريع

يتميز الأشخاص المثاليون بأنهم لا يرضون على الإطلاق بالنتائج المحققة إن كانت أقل و لو بقليل من ما كان مخطط له، على عكس الأشخاص الطبيعيين الذين يفتخرون بجهودهم المبذولة و يرضون بالنتائج حتى لو لم يصلوا لأهدافهم كاملة.

الشخصية المثالية

٢ـ أهداف مستحيلة

بالإضافة إلى عدم الرضى بالإنجازات، ما يزيد الطين بلة هو أن الأشخاص المثاليون غالبا ما يضعون نصب أعينهم أهدافا غير منطقية و مستحيلة، مايؤدي بطبيعة الحال إلى مواجهة العديد من العقبات و الفشل في آخر المطاف.

٣ـ جلد الذات عند الفشل

الفشل في تحقيق بعض الأهداف و لو مؤقتاً أمر وارد في كثير من الأحيان، في حين أن الأشخاص العاديون يتقبلون هذا الأمر غالبا، الشخص الذي يبحث عن الكمال يرى ذلك بمثابة كابوس و يؤدي به إلى الدخول في موجة من الحزن و المشاعر السلبية و جلد الذات.

٤ـ الإنتقاد المستمر

الشخصية المثالية

يركز أصحاب الشخصية المثالية كثيراً على مواطن الخلل و النقص، قد يبدوا هذا الأمر جيداً لكنهم يفعلون ذلك بمبالغة كبيرة تجعل من الإستمتاع بالسعي نحو تحقيق الأهداف أمراً مستحيلاً. تركيزهم على مواطن الخلل و الضعف يؤدي بهم إلى الإنتقاد المستمر لأنفسهم و للأشخاص من حولهم بدل التشجيع و التحفيز.

بالإضافة إلى كل هذا، يتميز الأشخاص المثاليون بصفة قد تبدو متناقضة مع ما يُعرف على هذا النوع من الشخصيات، لأنه من الصعب أن تصدق أن التأجيل و التسويف من الصفات التي تميز هذا النوع من الناس على الرغم من بحثهم الدائم عن الكمال، لكنهم فعلاً يتميزون بهذا الأمر. و السبب في ذلك راجع إلى أنهم لا يسعون إلى تحقيق أهدافهم بطاقة إيجابية و بتحفيز، لا بل يفعلون ذلك و هم خائفون جدّاََ من الفشل أو الحصول على نتائج أقل من المتوقع، فيدخلهم هذا الأمر في دائرة من الخوف و الكسل و المماطلة.

إذا كنت أخي الكريم ترى في نفسك هذه الصفات، فمن المحتم إذن أنك ستصبح أكثر توتراً و قلقاً و أقل رضاً عن حياتك، هذا إن لم تكن وصلت لهذه المرحلة بالفعل.
في الأخير، تذكر صديقي العزيز أنك بشر و أن الكمال لله وحده. و اعلم أنه من الجيد أن تكون لديك معايير و أهدافاً عالية، لكن لسلامة صحتك النفسية لابد أن تكون أهدافا واقعية، بالإضافة إلى هذا يجب أن تتذكر دائما أن ما تسعى إليه قد لا يتحقق أحياناً لسبب أو لآخر، تقبل الأمر و حدد خطوتك التالية، و ابحث عن التميز لا عن الكمال.

إقرأ أيضاً: ما الذي يحدث في الدماغ أثناء نوبة الهلع

Image by Freepik

Mind Under Control

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *